المد الإسلامي وبداية التدخل الأوربي (امتداد
النفوذ العثماني وبداية التدخل الأوربي)
تقديم إشكالي
شكل العالم المتوسطي خلال القرنين 15 و16م
مجالا لاختبار موازين القوى بين العثمانيين من جهة وبين الأوربيين من جهة أخرى،
وامتد ذلك ليشمل أطرافا أخرى من العالمين الإسلامي والأوربي، واكتسح فضاءات تجاوزت
البحر الأبيض المتوسط لتشمل وسط القارة الأوربية وكذا منطقة المشرق العربي. فما
هي مراحل امتداد النفوذ العثماني خلال القرنين 15 و16م والعوامل المساعدة على هذا
الامتداد؟ وما هي مراحل بداية التدخل الأوربي؟ ونتائجه على العالم الإسلامي خلال
القرنين 15 و16م؟
1- مراحل امتداد النفوذ العثماني والعوامل المساعدة على هذا الامتداد
أ- مراحل امتداد النفوذ العثماني خلال القرنين 15 و16م وأسبابه.
ü
المراحل
امتد النفوذ العثماني خلال القرنين 15 و16 م
على حساب أوربا والعالم الإسلامي:
*
في أوربا:
توسع العثمانيون خلال القرنين 15 و16م على
حساب أوربا، حيث تمت السيطرة على القسطنطينية سنة 1453 وضم البوسنة سنة 1463 في
عهد محمد الثاني (الفاتح)، ووصلوا إلى أقصى منطقة بعد معركة موهاكس سنة 1526 في
عهد سليمان القانوني.
*
في العالم الإسلامي
امتد النفوذ العثماني في العالم الإسلامي
خلال القرنين 15 و16م سواء في آسيا و افريقيا، حيث انتصر العثمانيون على الدولة
الصفوية في معركة جالديران سنة 1514 وعلى دولة المماليك في معركة مرج دابق سنة
1515 و1516 فتم ضم مصر والحجاز سنة 1517 والجزائر سنة 1518 في عهد سليم الأول.
ü
الأسباب
تجلت أسباب امتداد النفوذ العثماني خلال
القرنين 15 و16م على حساب أوربا في التنظيم والتخطيط العسكري المحكم مع قوة
الجيش الإنكشاري، زيادة على دأب البرتغاليين على محاولة خنق التجارة والاقتصاد
الأوربي، أضف إلى ذلك الانقسام السياسي والديني بأوربا بعد الإصلاح الديني.
ومن أبرز أسباب امتداد النفوذ العثماني على
حساب العالم الإسلامي في قوة وخبرة الجيش العثماني والرغبة في حماية الحرمين
الشريفين والتصدي للوجود البرتغالي في البحر الأحمر والمحيط الهندي.
ب- العوامل المساعدة على امتداد النفوذ العثماني خلال القرنين 15 و16م.
ü
في أوربا
يرجع امتداد الدولة العثمانية بأوربا إلى عدة
عوامل منها: السيطرة على القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية البيزنطية بسبب المهارة
العسكرية الفائقة والتفسخ الذي أصاب الحكام الأوربيين المسحيين والموارد الوفيرة
والأوضاع الداخلية في الإمبراطورية البيزنطية، ثم الاستعمال الفعال للمدفعية
العسكرية وزيادة عدد الإنكشارية، زيادة على دعم العثمانيين للقوى المعارضة
للبابوية كالكالفانية في فرنسا والمورسكيين في اسبانيا، إضافة إلى ذلك الحملات
العسكرية المتتابعة ونهج العثمانيين أسلوب التسامح الديني تجاه الديانات الأخرى
(المسيحية واليهودية).
ü في العالم الإسلامي
ساهمت عدة عوامل في امتداد النفوذ العثماني
في العالم الإسلامي أبرزها ضعف الأوضاع السياسية بالعالم الإسلامي بسبب تهالك
السلالات التي كانت تحكم آنذاك، ثم قوة الأسطول البحري العثماني والذي مكن من
السيطرة على الأراضي العربية وطرد البرتغاليين من البحر الأحمر.
2- مراحل بداية التدخل الأوربي ونتائجهما في العالم الإسلامي خلال القرنيين
15م و16م
أ- مراحل بداية التدخل الأوربي في العالم الإسلامي وأسبابه
ركز التدخل الأوربي في العالم الإسلامي على
ثلاثة مناطق:
ü
المغرب الأقصى: نهج البرتغاليون في احتلالهم للمغرب سياسة
المراحل، إذ احتلوا الثغور الشمالية باستعمال القوة العسكرية خلال المرحلة
الأولى الممتدة من 1415م إلى 1486م، واحتلوا المناطق الجنوبية باستعمال أسلوب جديد
في الغزو وهو العمل الدبلوماسي والسياسي في المرحلة الثانية من 1486م إلى 1515م
ويرجع تغيير البرتغال لسياستها إلى المقاومة الشرسة للمغاربة.
ü
المغرب الأوسط والادنى: تعرض للهجوم الاسباني، فاحتلوا المدن
الساحلية المتوسطية مثل وهران والمرسى الكبير وتونس بهدف تأمين الطريق البحري
الرابط بين اسبانيا وممتلكاتها بالمنطقة ولمواجهة الزحف العثماني، وقد ساعدهم في احتلال هذه
السواحل ضعف إمارة بنو زيان والحفصيين.
ü
المشرق العربي: قام البرتغاليون باحتلال الطريقين العالميين
عبر الشرق الأدنى (سوريا-لبنان-فلسطين-مصر-العراق-تركيا) نحو أوربا وهما طريق
الخليج العربي وطريق البحر الأحمر (مضيق هرمز زباب المندب).
يرجع التدخل الأوربي في العالم الإسلامي خلال
القرنين 15م و16م إلى عدة أسباب:
ü
الأهمية الاستراتيجية للمغرب وبلدان الخليج
العربي: إذ تتمثل أهمية المنطقتين بالنسبة للمواصلات البحرية العالمية، فالمغرب
يشرف على واجهتين بحريتين، أما الجزيرة العربية فتمثل نقطة التقاء بين القارات
الثلاث آسيا وأوربا وافريقيا، فالسيطرة على هتين المنطقتين يعني التحكم بسهولة في
طرق المواصلات العامية.
ü
تحكم العثمانيين في تجارة السلع والبضائع
الشرية وخاصة تجارة التوابل، وكذلك سيطرتهم على الطرق التجارية التي تمر منها
التجارة الشرقية إلى الشرق الأدنى.
ü
التوسع العثماني بأوربا الوسطى خلال القرنين
14م و15م، إضافة إلى رغبتهم(الأوربيون) في حماية شواطئهم من كل هجوم إسلامي وضمان
سلامة سفنهم وتوفير الموانئ لها على طول طريقها إلى سواحل غرب افريقيا ثم الهند
والبرازيل.
ü
الجهاد الإسلامي (القرصنة الإسلامية)
والمغربي على الخصوص، بحيث هجم القشتاليون (نسبة إلى مملكة قشتالة) على تطوان
سنة 1399وخربوها وأسروا نصف سكانها.
ب- النتائج المترتبة عن بداية التدخل الأوربي بالعالم الإسلامي خلال القرنين
15م و16م
نتج عن التدخل الأوربي بالعالم الإسلامي خلال
القرنين 15م و16م نتائج عدة:
ü
النتائج الاقتصادية: تمثلت في القضاء على الوساطة المغربية
بين أوربا وافريقيا، حيث قام البرتغاليون بتحويل اتجاه الخط التجاري الذي كان يربط
افريقيا بأوربا مرورا بالمغرب، نحو المحيط الأطلسي ليصل مباشرة إلى لشبونة ومنها
يتجه إلى باقي المناطق الأوربية، إضافة إلى القضاء على الوساطة العربية بين آسيا المنتجة
للتوابل والعقاقير والعطور وأوربا، فأدى ذلك إلى تراجع مداخيل الدولة المغربية
والامبراطورية العثمانية.
ü
النتائج السياسية والعسكرية: كان رد فعل المغاربة تجاه التدخل
الأوربي في بلادهم هو المقاومة بتوجيه من العلماء والزوايا وزعماء القبائل إلى أن
قامت الدولة السعدية فحررت الثغور وانتهت الأطماع الأوربية بالمغرب بعد معركة وادي
المخازن سنة 1578م التي انتصر فيها المغاربة. أما سكان المغرب الأوسط فقد واجهوا
التدخل الاسباني في بلادهم بالاستعانة بعروج الذي اشتهر بالجهاد البحري ضد
الاسبانيين في البحر الأبيض المتوسط. وفي المشرق العربي فإن البرتغاليين
وجدوا أيضا مقاومة عنيفة وقد استعان العرب بالدول الإسلامية المجاورة عندما عجزوا
عن رد الهجوم الأوربي.
خاتمة: شكلت معركة وادي المخازن محطة بارزة في تاريخ
الدولة المغربية، حيث تم القضاء على الاطماع الاوربية بالمغرب بعد انهزام
البرتغاليين في هذه المعركة، كما قضت الإمبراطورية العثمانية على الأطماع الاوربية
في المشرق العربي، وهكذا تم القضاء على التدخل الأوربي في العالم الإسلامي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق